بعد أن تزايدت الهجرة من الريف إلى المدن الساحلية.. المطلوب إجراءات فورية لتنمية الريف الساحلي
شام برس من إياد خليل..
إن النمو الحضري غير المسبوق الذي يحدث في المدن الساحلية يعبر عن آمال ومطامح العديد من القادمين من الريف فالمدن تنطوي على إمكانات هائلة لتحسين حياة الناس، وأظهرت مقاييس الفقر أن الفقر الريفي أعمق وأوسع انتشاراً من الفقر في المدن التي تتيح على وجه الإجمال سبلاً أفضل للحصول على الخدمات الصحية والتعليم والاستفادة من البنية التحتية الأساسية والحصول على المعلومات والمعارف والفرص.
ويرجع سبب ارتفاع معدلات هجرة الريف إلى المدن إلى عدة عوامل من بينها النمو السكاني المرتفع في معظم مناطق الريف بالمقارنة مع المدن, وحرمان عدد كبير من العاملين الزراعيين من فرص العمل بسبب الاعتماد على المكننة الزراعية، وتمركز المؤسسات الحكومية بشكل عام في المدن الكبرى، وتركيز اهتمام الدولة على المدن وسعيها إلى تامين متطلبات سكان المدن قبل سكان الريف.
إلا أن الفقر يزداد في الأحياء العشوائية المنتشرة في المدن بسرعة أكبر من السرعة التي يتزايد بها في المناطق الريفية فالإحصاءات تخفي أوجه انعدام المساواة داخل المدن بين الأحياء العشوائية وأحياء المدينة من ناحية الخدمات والتعليم والفرص ومستوى الدخل والمعيشة والرفاهية وغيره.
فالأعداد التي تعيش في حالة فقر في المدن الساحلية ذات الدخول المنخفضة والمتوسطة من المؤكد أن أعدادهم ستتضخم في السنوات المقبلة.
وأشار تقرير دولي أنه في البلدان النامية، من المتوقع أن تصبح مساحة العمران في المدن التي يبلغ عدد سكـان كل منهــا 000 100 ومافوق ثلاثة أمثال ما هي عليه حالياً بحيث تصبح 000 600 كيلومتر مربع في العقود الثلاثة الأولى من هذا القرن. وتتوسع مدن البلدان المتقدمة بمعدل أسرع حتى من ذلك لكل شخص من المقيمين فيها، على الرغم من أن عدد سكانها أقل ومعدل النمو السكاني فيها أقل. فمساحة العمران فيها ستزيد 2.5 مرة خلال الفترة ما بين عام 2000 وعام 2030. وعندئذ، ستحتل حوالي 000 500 كيلومتر مربع .
وكانت دراسة حديثة قد حذرت من ارتفاع معدلات الهجرة من الريف السوري إلى المدن، واختلال التوزيع الجغرافي للسكان، وتفاقم معدلات البطالة بهدف البحث عن فرص العمل في المدينة، وتحسين مستوى الدخل، والاستفادة من الخدمات العامة المتوفرة في المدينة.
وقالت الدراسة التي أعدها د. عبد الهادي الرفاعي الأستاذ المساعد بكلية الاقتصاد جامعة تشرين "إن معدل النمو السكاني في سوريا من المعدلات العالية في العالم (3.27%)، وهو ما يعني مشكلة كبيرة تكمن في عدم كفاية الموارد المتاحة لتلبية احتياجات السكان والحفاظ على مستويات ثابتة من الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها لأبناء الشعب السوري، كما أن التحدي الأكبر الذي يفرزه النمو السكاني المرتفع هو تفاقم معدلات البطالة بشكل عام، ويشكل عائقا أمام عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي رصد للواقع الريفي يتبين أن نسبة الأمية بين النساء ما تزال أعلى منها عند الرجال حيث بلغت عند النساء 57.6 % مقابل 42.4% للذكور من مجموع الأميّين بالإضافة إلى ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل في ريف المنطقة الساحلية حيث بلغت بين السكان من العمر 15 فأكثر 54 % من مجموع العينة.وما تزال عدد من الأسر الريفية تعيش في حالة من الفقر نتيجة لعدم توفر فرص عمل لأبنائها.
ويلاحظ أن معدلات هجرة الريف إلى المدن تتباين فيما بينها حسب المحافظات، حيث يقل نمط الهجرة عن باقي الأنماط في ثلاث محافظات فقط (السويداء ـ القنيطرة ـ درعا)، بينما يزيد معدل الهجرة في بعض المحافظات الأخرى بمقدار 5% عن المستوى الإجمالي للسكان، ويرتفع في ستة محافظات عن مثيله على مستوى القطر، بينما تعد معدلات هجرة الريف إلى الحضر في اللاذقية و طرطوس وحمص مرتفعة نسبيا حيث يزيد عن 14%.
ولابد لحل هذه المشكلة من العمل على الحد من الهجرة الداخلية من خلال تنمية القوى البشرية والسعي لتصحيح اختلال التوزيع الجغرافي للسكان، وتحسين الوضع المعاشي للسكان، وتحقيق الاستثمار الأمثل للموارد البشرية، وأيضا العمل على إيجاد فرص عمل متنوعة لليد العاملة الريفية من خلال نشر الصناعات وتوزيعها بين مدن القطر، والعمل على تقريب مستوى الحياة في الريف والمدن، وإعادة توزيع مؤسسات الدولة العلمية والخدمية للحد من تمركزها في المدن الكبرى وتحديدا العاصمة و العمل على تسريع مشاريع توفير مياه الشرب النقية لسكان الريف لحمايتهم من الأمراض التي قد تصيبهم نتيجة تلوث المياه المتوفرة والعمل من أجل القضاء على الأمية في الريف خاصةً أمية النساء لأنهن أساس الأسرة؛ وهن عماد النهوض بالمجتمع الريفي.
والإسراع في تخديم الريف بالصرف الصحي للمحافظة على البيئة من التلوث
منقول
[center]